بسم الله الرحمن الرحيم
لغة الفرد هي هويته القومية، وهي مسرح تفكيره، ومجال وجدانه ... فيجدر بالفرد منا أن ينطقها في المستويات الرسمية سليمة الأداء صحيحة العبارة... ننطقها في لغة تأنف من لهجة السوق - هذه اللهجة التي لا تتجاوز مفرداتها ألف مفردة، كما أن الحروف في هذه تُلفظ بمخارج صوتية متباينة تبعًا للمنطقة الجغرافيـــة.
أقول ذلك، وأنا أعي سلاسة العامية على أسَلات الألسنة – في مخاطباتنا البيتية، وفي فكاهاتنا وفي أغانينا، وفي سرعة توصيلها واتصالها، بل في ضرورتها وحيويتها.
وإن لغة الثقافة لدى أي شعب ترتقي صعدًا ما ارتقت أفكاره، ومبنى الجملة يتطور تبعًا لغنى هذا الشعب ثقافيًا ...
أما النحو أساس الإشكال فأرى أن نجرب في دورات مكثفة تدريس المرفوعات والمجرورات فقط فيعرف الطالب المنصوبات بعد ذلك، دون جهد ....على كل هذه التجربة لم تُمرَّر ، ولا نستطيع الحكم على خيبتها مقدمًا ...
وأما التراكيب المستجدة فلا أرى غضاضة في أخذ الكثير منها ( مع أن بعضهم يرميها بالركاكة أو يصِمها بالعُجمة)، فكل تركيب نستضيفه هو إثراء للغتنا في بِِنيتها، وخاصة ما كان ضمن المجاز والكناية المعاصرة ....
أسأل نفسي أحيانًا:
لماذا نفتقد المراجع الأكاديمية في المواضيع العلمية باللغة العربية؟
لماذا نفتقد المسؤولية الجماعية أو الرسمية إزاء اللغة العربية؟
من هنا أصل إلى نقطة هامة ، وفي تقديري هي جوهر المسألة : وهي أننا – عامةً – لا نوقّـر لغتنا ، ولا نجلّ أربابها بما يليقون به ، فقد نسمع اللفظ الهزيل الكليل ، وقد نسمع اللاحن تلو اللاحن ( وانتبه في حفلات التأبين – مثلاً ) ، ونمر على ذلك مر الكرام ....بل قد نجد بيننا من يسخر منك إن حاولت أن تنقد لغة هذا الزعيم أو ذاك ، فتصبح أنت الهُـزْأة ، فالسياسيون وشخصيات المجتمع أهم من اللغة وإعرابها...
ولا غرابة إذا رأينا - من جهة أخرى - من يحسن عربيته ويبدع فيها، فلا يحظى بأية مزيــة أو ميزة، وبراعته لا تجديه ولن تجزيه شيئًا .... ثم إن بعض المسرحيات تستخدم ألفاظًا عن سابق قصد – لإثارة السخرية اللاذعة من هذه اللغة الفصيحة، فيظهرونها وكأنها التشدق والتفيهق، وما مثـَّله عادل إمام وقوله "ألححت إصرارًا ...وأصررت إلحاحًا" إلا نموذج على ذلك.
إذن ما العمل؟
يقول فاروق شوشة:
"إن لغتنا ظلت عبر القرون الطويلة بفضل انفتاحها المستمر على الحضارات والثقافات واتجاهها الدائم للمستقبل، وإنها كانت تفقد جدتها وحيويتها ونبضها عندما يتوقف انفتاح أصحابها على الجديد - الذي تزخر به حياتهم، وينغلقون على أنفسهم مضغًا واجترارا، وعندما يصبح الماضي هو مثلهم الأعلى المقدس تتجه إليه رؤوسهم، دون أن تتجه إلى حيث الهدف الطبيعي والغاية الأصيلة – المستقبل (لغتنا الجميلة، ص
من هنا يجب أن نحترم لغتنا ونعتز بمكانتها، بحيث يستطيع المراقب أن يلمس مدى النفع إثر الاهتمام بها، ويلمس الضرر إثر التخلي عنها.... فمادة العربية هي مادة وجودنا وقوام حياتنا الروحية، فإذا التزم معلمونا بتدريس موادهم بعربية سليمة ولا غضاضة أن تجنح إلى التسكين ( على طريقة بني ربيعة ) على طريقة " سكِّن تسلم ! " - ) ولكن بجِد – هذه المرة –، ......يستثنى من ذلك ما كان ضرورة بسبب الوصل والتبعية للكلمة اللاحقة، نحو غرفـــة الصف، فشكل آخر (غرفة) ضروري، لأنه لا يمكن تسكين آخرها ...
إن لغة القرآن تدعونا إلى أن ندرس طرق التجديد في اللغة – في القياس والنحت والتوليد والاختصار والاقتراض ......
وإلى أن يتم ذلك أدعو المعلمين (كلاً في مجاله)إلى أن يقترحوا ترجمات لهذه الكلمات الأجنبية التي تغزو بحدة وبتواتر، وأن يستشيروا من يثقون بلغتهم العربية، وأن يتعاونوا مع اللجنة العليا لشؤون اللغة العربية والمجمع اللغوي في البلاد، وفيهما أساتذة يُشهد لهم بالغَـيْرة على اللغة والحرص على رقيها. وكم يحسن أن تكون الألفاظ المقترحة من غير المشترك، إذ كفانا ما لدينا من مشترك وتضاد وترادف ومثنيات لها أكثر من تفسير - كل ذلك في عصر يتطلب الدقة والتحديد والفهم الجامع المانع.
إن لغتنا هي نحن، وكل تغيير فيها يستوجب أولاً تغييرًا منا في الاتجاه وفي الرؤية" ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
لغة الفرد هي هويته القومية، وهي مسرح تفكيره، ومجال وجدانه ... فيجدر بالفرد منا أن ينطقها في المستويات الرسمية سليمة الأداء صحيحة العبارة... ننطقها في لغة تأنف من لهجة السوق - هذه اللهجة التي لا تتجاوز مفرداتها ألف مفردة، كما أن الحروف في هذه تُلفظ بمخارج صوتية متباينة تبعًا للمنطقة الجغرافيـــة.
أقول ذلك، وأنا أعي سلاسة العامية على أسَلات الألسنة – في مخاطباتنا البيتية، وفي فكاهاتنا وفي أغانينا، وفي سرعة توصيلها واتصالها، بل في ضرورتها وحيويتها.
وإن لغة الثقافة لدى أي شعب ترتقي صعدًا ما ارتقت أفكاره، ومبنى الجملة يتطور تبعًا لغنى هذا الشعب ثقافيًا ...
أما النحو أساس الإشكال فأرى أن نجرب في دورات مكثفة تدريس المرفوعات والمجرورات فقط فيعرف الطالب المنصوبات بعد ذلك، دون جهد ....على كل هذه التجربة لم تُمرَّر ، ولا نستطيع الحكم على خيبتها مقدمًا ...
وأما التراكيب المستجدة فلا أرى غضاضة في أخذ الكثير منها ( مع أن بعضهم يرميها بالركاكة أو يصِمها بالعُجمة)، فكل تركيب نستضيفه هو إثراء للغتنا في بِِنيتها، وخاصة ما كان ضمن المجاز والكناية المعاصرة ....
أسأل نفسي أحيانًا:
لماذا نفتقد المراجع الأكاديمية في المواضيع العلمية باللغة العربية؟
لماذا نفتقد المسؤولية الجماعية أو الرسمية إزاء اللغة العربية؟
من هنا أصل إلى نقطة هامة ، وفي تقديري هي جوهر المسألة : وهي أننا – عامةً – لا نوقّـر لغتنا ، ولا نجلّ أربابها بما يليقون به ، فقد نسمع اللفظ الهزيل الكليل ، وقد نسمع اللاحن تلو اللاحن ( وانتبه في حفلات التأبين – مثلاً ) ، ونمر على ذلك مر الكرام ....بل قد نجد بيننا من يسخر منك إن حاولت أن تنقد لغة هذا الزعيم أو ذاك ، فتصبح أنت الهُـزْأة ، فالسياسيون وشخصيات المجتمع أهم من اللغة وإعرابها...
ولا غرابة إذا رأينا - من جهة أخرى - من يحسن عربيته ويبدع فيها، فلا يحظى بأية مزيــة أو ميزة، وبراعته لا تجديه ولن تجزيه شيئًا .... ثم إن بعض المسرحيات تستخدم ألفاظًا عن سابق قصد – لإثارة السخرية اللاذعة من هذه اللغة الفصيحة، فيظهرونها وكأنها التشدق والتفيهق، وما مثـَّله عادل إمام وقوله "ألححت إصرارًا ...وأصررت إلحاحًا" إلا نموذج على ذلك.
إذن ما العمل؟
يقول فاروق شوشة:
"إن لغتنا ظلت عبر القرون الطويلة بفضل انفتاحها المستمر على الحضارات والثقافات واتجاهها الدائم للمستقبل، وإنها كانت تفقد جدتها وحيويتها ونبضها عندما يتوقف انفتاح أصحابها على الجديد - الذي تزخر به حياتهم، وينغلقون على أنفسهم مضغًا واجترارا، وعندما يصبح الماضي هو مثلهم الأعلى المقدس تتجه إليه رؤوسهم، دون أن تتجه إلى حيث الهدف الطبيعي والغاية الأصيلة – المستقبل (لغتنا الجميلة، ص
من هنا يجب أن نحترم لغتنا ونعتز بمكانتها، بحيث يستطيع المراقب أن يلمس مدى النفع إثر الاهتمام بها، ويلمس الضرر إثر التخلي عنها.... فمادة العربية هي مادة وجودنا وقوام حياتنا الروحية، فإذا التزم معلمونا بتدريس موادهم بعربية سليمة ولا غضاضة أن تجنح إلى التسكين ( على طريقة بني ربيعة ) على طريقة " سكِّن تسلم ! " - ) ولكن بجِد – هذه المرة –، ......يستثنى من ذلك ما كان ضرورة بسبب الوصل والتبعية للكلمة اللاحقة، نحو غرفـــة الصف، فشكل آخر (غرفة) ضروري، لأنه لا يمكن تسكين آخرها ...
إن لغة القرآن تدعونا إلى أن ندرس طرق التجديد في اللغة – في القياس والنحت والتوليد والاختصار والاقتراض ......
وإلى أن يتم ذلك أدعو المعلمين (كلاً في مجاله)إلى أن يقترحوا ترجمات لهذه الكلمات الأجنبية التي تغزو بحدة وبتواتر، وأن يستشيروا من يثقون بلغتهم العربية، وأن يتعاونوا مع اللجنة العليا لشؤون اللغة العربية والمجمع اللغوي في البلاد، وفيهما أساتذة يُشهد لهم بالغَـيْرة على اللغة والحرص على رقيها. وكم يحسن أن تكون الألفاظ المقترحة من غير المشترك، إذ كفانا ما لدينا من مشترك وتضاد وترادف ومثنيات لها أكثر من تفسير - كل ذلك في عصر يتطلب الدقة والتحديد والفهم الجامع المانع.
إن لغتنا هي نحن، وكل تغيير فيها يستوجب أولاً تغييرًا منا في الاتجاه وفي الرؤية" ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".